مذكرة فى شأن المسائل الخلافية الجوهرية فى مسودة الدستور المؤرخة 11/11/2012

تلخص هذه المذكرة فيما يلى بعض المسائل الخلافية الجوهرية ونواحى القصور فى مسودة الدستور المؤرخة 11/11/ 2012 وقد أعدت صياغات بديلة مقترحة لكافة مواد الدستور فى ضوء مشاورات واسعة مع الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدنى والخبراء فى المجالات المختلفة

أولا – دولة القانــون أم دولة ولاية الفقيه

          كان التوافق العام طوال الفترة الماضية مجمعا على ضرورة التمسك بنص المادة (2) من الدستور دون أى تغيير، إلا أن المسودة الأخيرة تضمنت تعديلا للمادة (2) بموجب المادة (220) التى نصت على أن "مبادئ الشريعة الاسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة فى مذاهب أهل السنة والجماعة." ومقتضى ذلك التعديل أن تصبح أحكام الشريعة هى المصدر الرئيسى للتشريع بدلا من مبادئ الشريعة وفقا للنص الحالى المستقر منذ 1980. فإذا أضفنا لذلك نص جديد للمادة (4) يوجب أخذ رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر فى كل ما يتعلق بالشريعة الإسلامية لوجدنا منظومة من النصوص الجديدة التى تؤسس لدولة ولاية الفقيه. وتعديل "مبادئ الشريعة الإسلامية" باعتبارها المصدر الرئيسى للتشريع، أى المبادئ الكلية للشريعة ومقاصدها العليا وأحكامها الشرعية قطيعة الثبوت والدلالة وهى الثابت الذى لا يقبل التعديل أو التأويل، الى "أحكام الشريعة" التفصيلية والمختلف عليها والخاضعة لأراء الفقهاء المختلفة والمذاهب المتعددة المتغيرة التى تحتمل التأويل والاجتهاد والقياس، يهدد الاستقرار القانونى والاجتماعى. فقد استندت السلطة التشريعية والتنفيذية منذ 1971 لمبادئ الشريعة الاسلامية كما عرفتها وراقبت تنفيذها المحكمة الدستورية العليا، وتم بمقتضاها احترام وتطبيق الشريعة الاسلامية دون إخلال بدولة القانون. وقد حددت المحكمة الدستورية العليا ضوابط الاجتهاد بأنه ينحصر فى الأحكام الظنية غير المقطوع بثبوتها أو دلالتها أو بهما معا، وقررت أنه يجب أن يقع الإجتهاد فى إطار الأصول الكلية للشريعة متحريا لمناهج الاستدلال على الأحكام العملية وكافلا صون المقاصد العامة للشريعة الاسلامية لمواجهة تغير الزمان والمكان، وتطور الحياة وتنوع مصالح العباد، وهو اجتهاد إن كان جائزا أو مندوبا من أهل الفقه، فهو فى ذلك أوجب وأولى لولى الأمر ليواجه ما تقتضيه مصلحة الجماعة درءا لمفسدة أو جلبا لنفع أو للأمرين معا (حكم الدستورية فى القضية رقم 14 لسنة 21 قضائية دستورية فى 11 مايو 2003).

          وهذا التعديل على المادة (2) بموجب المادة (220) يثير القلق الشديد، لأن اعتبار أحكام الشريعة المصدر الرئيسى للتشريع فى إطار المادة (4) التى تنص على وجوب أخذ رأى الأزهر في كل ما يتعلق بالشريعة الإسلامية يضع سلطات الدولة، بما فى ذلك السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية، تحت وصاية هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، وهو ما يتعارض مع مقتضيات دولة القانون والديمقراطية، إذ أنه من غير المتصور أخذ رأى الأزهر وعدم الالتزام به. كما أنه من المستقر، منذ حوالى أربعين عاما أن المرجعية فى مدى دستورية أى قانون يطعن عليه لمخالفة مبادئ الشريعة هى للقضاء، ممثلا فى المحكمة الدستورية العليا، التى تشهد أحكامها باستنادها لأمهات المراجع التى تتناسب مع الوقائع المعروضة والمتغيرة بحكم طبيعتها. والأزهر الشريف يلعب دورا بالغ الأهمية كجامعة ومنارة للمعارف والعلوم والحضارة الاسلامية منذ أكثر من الف عام دون النص على ذلك فى الدستور. والمقترح حذف نص المادة (220) المضافة وحذف النص على أخذ رأى الأزهر وجوبا فى كل ما يتعلق بالشريعة الإسلامية، حرصا على الحفاظ على مقومات دولة القانون والحفاظ على مكانة الأزهر الشريف بعيدا عن الصراعات السياسية.

          بالإضافة لذلك، فوجئنا فى المسودة المؤرخة 5/11/2012 بقبول اقتراحنا لضمان الحقوق والحريات بموجب المادة (75) أخذا من حكم أخير للمحكمة الإدارية العليا بأن الحقوق والحريات اللصيقة بشخص الواطن لا تقبل تعطيلا أو انتقاصا، إلا أن ذلك النص أضيفت له فقرة قضت تماما على الحكمة من إصدار الدستور لضمان الحقوق والحريات، فنصت على أن "تمارس الحقوق والحريات المنصوص عليها فى هذا الباب، بما لا يتعارض مع الأحكام الأساسية للدولة والمجتمع الواردة فى هذا الدستور." أى أن الحقوق والحريات أصبحت حبيسة النصوص المتعلقة بالشريعة الإسلامية كما يراها الفقهاء وأهل السنة والجماعة وكذا لقواعد الأخلاق العامة كما يراها المجتمع، وهو ما يجعل من الدستور وثيقة تعرض الحقوق والحريات للإهدار بدلا من أن تحميها.

ثانيا – الأحادية الثقافيـة

          تتضمن المواد (7) و(9) و(10) و(11) نصوصا عامة وغير محددة تسمح بتدخل المجتمع فى حماية الأخلاق والآداب العامةوللأفراد بحماية الأموال والأعراض، وهو ما يفتح الباب لإمكان فرض بعض التيارات السياسية لرؤاها الخاصة على الآخرين، بالمخالفة لمبادئ دولة القانون. كما تكرس المادة (11) مفهوم "الوحدة الثقافية" المخالف للتنوع الثقافى واللغوى الذى يعتبر مصدر ثراء ثقافى وحضارى عامة وخاصة بالنسبة لمصر بتاريخها العريق وموقعها الفريد، وهو ما يتعارض مع مصالح مصر وموقفها الثابت وكذا التزاماتها الدولية فى اتفاقيات اليونسكو فى شأن الحفاظ على التنوع والتعددية الثقافية. كما أن تعريب العلوم يعطل اللحاق بتطورات العلم الحديث. والمقترح تعديل هذه النصوص بنصوص بديلة محددة تحترم سيادة القانون والحقوق والحريات الشخصية مع التزام الدولة بالحفاظ على النظام العام والآداب العامة وعلى التنوع الثقافى والنهضة باللغة العربية بما يحقق النهضة العلمية والحضارية ويدعم التماسك الاجتماعى والانتماء الوطنى.

ثالثا – التزام الدولة بتفعيل الحق فى تكافؤ الفرص وعدم التمييز بين المواطنين

          تنص المادة (31) على حق المساواة أمام القانون وتكافؤ الفرص دون تمييز بين المواطنين، رجالا ونساء، فقراء وأغنياء، مسلمين ومسيحيين، وهو ما يتفق وكافة الدساتير المصرية المتعاقبة والمادة (7) من الإعلان العالمى لحقوق الانسان الذى صدقت عليه مصر دون أى تحفظ. إلا أن عدم الالتزام بتطبيق هذا النص والاستمرار فى التمييز بين المواطنين دون مبرر مشروع كان دائما ومازال مصدرا للفساد وآلية للاستبداد والظلم الاجتماعى بالمخالفة لنص الدستور والقانون، ولذلك فالمطلوب إضافة الفقرة الآتية للمادة (31): "وتلتزم الدولة بالقضاء علي كافة أشكال التمييز وضمان إعمال مبدأ تكافؤ الفرص لجميع المواطنين ومحاربة العادات والتقاليد والأنماط الثقافية والاجتماعية التي ترسخ التمييز والمحسوبية. والدعوة الى الكراهية أو التحريض عليها جريمة يعاقب عليها القانون."

          وهذا الإقتراح يتصدى لمشكلة غياب تكافؤ الفرص والتمييز بين المواطنين سواء كان على أساس الجنس أو الدين أو الوضع الإجتماعى أو غير ذلك، بتأكيد التزام الدولة بتفعيل مبدأ تكافؤ الفرص والقضاء على ظاهرة التمييز بين المواطنين على غير أساس الكفاءة والجدارة. أما جريمة الحض على الكراهية فقد أصبحت ضرورة لضمان العيش المشترك والتماسك الاجتماعى، خاصة فى إطار تزايد الإتجاه للتعصب الدينى وبروز حركات التكفير والتخوين.

رابعا – حماية حقوق الطفل

          صدقت مصر على اتفاقية حقوق الطفل والتى تمثل اجماعا عالميا، وسحبت التحفظ عليها وضمنتها قانون الطفل 12 لسنة 1996 وتعديله بالقانون رقم 126 لسنة 2008. والمطلوب هو أن يكون النص الدستورى سندا للحقوق المنصوص عليها فى قانون الطفل وفى الاتفاقية الدولية لحماية حقوق الطفل، ومنها على سبيل المثال حظر تشغيل الأطفال حتى الانتهاء من التعليم الالزامى مطلقا وفى جميع الأحوال حظر التشغيل فى الأعمال الخطرة وحظر زواج الأطفال دون سن الثامنة عشر، وعدم مساءلتهم جنائيا إلا وفقا للقانون، بالاضافة لتقرير حقوق الطفل فى عدم التمييز والمشاركة ورعاية مصلحته الفضلى وحمايته من كافة أشكال العنف والاساءة والاستغلال خاصة الأطفال ذوى الإعاقة والمعرضين للخطر. والنص الحالى يكتفى "بحظر تشغيل الأطفال قبل تجاوزهم سن التعليم الالزامى فى أعمال لا تناسب أعمارهم أو تمنع استمرارهم فى التعليم" وهو ما يتعارض مع نصوص قانون الطفل والإتفاقية الدولية لحماية حقوقه ولا يكفل الحماية لأطفالنا وفقا لأحكامها.

خامسا – حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية

          حرية العقيدة مطلقة وفقا للمادة (12) من دستور 1923، وحرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية حقوق دستورية ثابته وتكفلها الدولة بموجب المادة (46) من دستور 1971 كما انها ثابته بموجب المادة (18) من الاعلان العالمى لحقوق الإنسان الذى شاركت مصر فى صياغته وصدقت عليه فى 1948 دون أى تحفظات وتنص على أن "لكل شخص الحق فى حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته او عقيدته، وحرية الاعراب عنهما بالتعليم أو الممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها، سواء كان ذلك سرا أو جهرا، منفردا أو مع الجماعة". وبناءً على ما تقدم، لا يمكن حرمان أى إنسان من ممارسة العبادات الدينية فى المنزل أو غرفة الفندق سراً أو جهراً. أما حرية إقامة دور العبادة فيجب أن يصدر قانون لتنظيم الإشتراطات والتراخيص لبنائها باعتبارها جزءاً من المخطط العمرانى الذى يجب أن يلبى حاجات المجتمع الواقعية على أساس معايير موضوعية دون تمييز. والنص التالى يتفق مع المبادئ المستقرة فى الدساتير المصرية السابقة والتزاماتها الدولية وفى نفس الوقت يرخص للقانون تنظيم مسألة بناء دور العبادة ووضع الشروط والإجراءات:

"حرية العقيدة مطلقة وحرية ممارسة الشعائر الدينية مكفولة.

وتكفل الدولة حرية إقامة دور العبادة على النحو الذى ينظمه القانون."

سادسا – حرية الصحافة وحظر الحبس فى جرائم النشر

          تمثل حرية الصحافة والاعلام ضمانة أساسية لسيادة القانون وللحكم الرشيد. وتنص المواد (45) و(46) من مسودة الدستور على امكانية وقف أو انذار أو مصادرة الصحف بحكم قضائى بالمخالفة للقواعد السارية، كما أن النصوص المقترحة لم تحظر الحبس فى جرائم النشر وفقا للتوافق العام واستجابة للمطالب الشعبية قبل وبعد ثورة 25 يناير. وجرائم النشر ليست جرائم الصحفيين وأنما لكل مواطن ارتكب جريمة بإحدى وسائل العلانية (مادة 171 من قانون العقوبات) مثل الكتاب وخطباء ميدان التحرير وشباب المظاهرات ومن يتحدثون فى الفضائيات أو أى مواطن ينشر رأيه فى الصحف أو على الانترنت. وغرض المادة هو الغاء عقوبة الحبس فى جرائم النشر ونتيجتها تعديل قانون العقوبات للنص على عقوبات مدنية كبيرة بدلا من عقوبة الحبس. وأخيرا فان النصوص المقترحة لم تتضمن النص على استقلال الصحف ووسائل الاعلام المملوكة للدولة عن السلطة التنفيذية والأحزاب السياسية باعتبارها هيئات بث ونشر عامة مملوكة للشعب. وهذا النص ضرورى لضمان حرية واستقلال الصحافة ووسائل الإعلام القومية ولا يتعارض مع النص على إنشاء مجلس وطنى للإعلام فى باب الأجهزة الرقابية المستقلة.

سابعا – ضرورة حظر استخدام أماكن العبادة فى الأغراض السياسية أو الحزبية أو الانتخابية والنص على المحظورات الدستورية بالنسبة للأحزاب والجمعيات والمؤسسات الأهلية

          تنص المادة (6) من مسودة الدستور على حظر إنشاء الأحزاب على أساس التفرقة بين المواطنين بسبب الجنس أو الدين، وأغفلت باقى المحظورات الدستورية والتى نعتبرها ضرورية للحفاظ على وحدة النسيج الوطنى وعلى الأمن القومى وكذلك على المقومات والحقوق والحريات الدستورية ولا يوجد مبرر لحذفها. وقد وردت هذه المحظورات فى المادتين (5) و(55) من دستور 1971 وفى قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية رقم 84 لسنة 2002.

          والمقترح حذف الفقرة الواردة فى المادة (6) والنص على فقرة إضافية للمادة (48) تحظر إنشاء أحزاب سياسية على أساس دينى أو جغرافى، كما تحظر إنشاء جمعيات أو مؤسسات أهلية أو أحزاب سياسية يكون نشاطها سريا أو ذا طابع عسكري أو استنادا لأى مرجعية تتعارض مع المقومات والمبادئ الأساسية والحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور.

          وهذه المحظورات ضرورية لدرء مخاطر الفتنة الطائفية وكذا باعتبارها من ضمانات النظام الديمقراطى.

          بالإضافة الى ذلك فان المادة (52) تنص على حق المواطن فى المشاركة فى الحياة السياسية بالترشح والانتخاب إلا انها تنص على أن ذلك واجب والمقترح أن يكون للمواطن حق المقاطعة دون عقاب. كما أن المادة تحظر على جهات الأمن التدخل فى الشأن السياسى أو الانتخابات وهذا الحظر يجب أن يسرى على دور العبادة بحظر استخدامها فى الأغراض السياسية والحزبية أو الدعاية الانتخابية.

ثامنا – التقصير فى ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية

          جاءت المواد (53) فى شأن الحق فى التعليم و(57) فى شأن الحق فى الصحة و(60) فى شأن الحق فى التأمين الاجتماعى و(61) فى شأن الحق فى السكن والغذاء الصحى قاصرة ولا تغطى الحد الأدنى للحقوق والحماية. وقد اقترحنا تعديلات لكل هذه النصوص تكفل الحماية المطلوبة للمواطن.

تاسعا – حظر الإتجار بالبشر

          نصت المادة (71) من مسودة الدستور على حظر كل صور استرقاق الانسان وتجارة الجنس وانتهاك حقوق النساء والأطفال وتم رفض إدراج نص يحظر الإتجار بالبشر. والإتجار بالبشر جريمة لها تعريف محدد فى المادة (2) من القانون رقم 64 لسنة 2010 تهدف لمنع التعامل بأى صورة على أى شخص طبيعى رجلا كان أو أمرأة أو طفلا أو إستغلال أى شخص طبيعى بما فى ذلك الإستغلال الجنسى أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة أو التسول أو استئصال أعضاء بشرية أو أنسجة أو جزء منها. والمطلوب ادراج حظر الاتجار بالبشر بغرض حماية النص التشريعى بنص دستورى.

عاشرا – الأغلبية اللازمة للموافقة على التشريعات والاتفاقيات التى تمس حقوق المواطن الدستورية أو تعلن الحرب أو حالة الطوارئ أو تمس بالسيادة الوطنية

          تنص المواد (103) و(104) و(117) و(118) و(121) و(122) و(148) و(149) و(151) على الأغلبية اللازمة لإتخاذ قرارات هامة لا تتفق مع أهمية القرار المعنى. وعلى سبيل المثال فان المواد (117) و(118) و(122) تتطلب الأغلبية العادية لإقرار الموازنة العامة للدولة أو تعديلها أو الموافقة على الحساب الختامى، والمقترح أن تتم الموافقة بأغلبية أعضاء المجلس. بالإضافة لذلك، فان الموافقة على اعلان الحرب (المادة 149) وحالة الطوارئ (المادة 151) والقوانين الماسة بالحقوق الدستورية للمواطن أو عند الخلاف بين السلطة التشريعية والتنفيذية أو بين مجلسى البرلمان (المادتين 103 و104) تسرى بأغلبية الأعضاء والمطلوب أن تصدر بأغلبية ثلثى أعضاء المجلسين على الأقل. كما أن المادة (148) تسمح لمجلس النواب بأغلبية الأعضاء أن يوافق على المعاهدات المتعلقة بحقوق السيادة على أراضى الوطن ومياهه وأجوائه الاقليمية وثرواته، وهو ما لا يجوز إلا بأغلبية خاصة لا تقل عن ثلاثة أرباع أعضاء المجلسين. وهذه النصوص تسمح للحزب الحاصل على الأغلبية، بغض النظر عن توجهه السياسى، أن يهيمن وحده على العملية التشريعية فيما يتعلق بالحقوق الدستورية للمواطن والسيادة الوطنية على أراضى مصر وحدودها وحالة الطوارئ والحرب، وهى مسائل لا تحتمل الاستقطاب أو المخاطرة وتقتضى أغلبيات خاصة تستند الى التوافق الوطنى.

حادى عشر – استقلال القضاء وتفصيل النصوص بالمخالفة لقواعد المشروعية

          استقلال القضاء وسيادة القانون ضمانتان أساسيتان لمبدأ خضوع الدولة للقانون ولكفالة العدل للكافة. وقد وردت المواد (173) حتى (184) متضمنة اقتراحات بتغييرات هيكلية ولا يمكن إعادة هيكلة الهيئات القضائية فى إطار اعداد الدستور. ويتعين أن يتم ذلك بعد مناقشته وإقراره مع الجهات المختصة وفقا لقانون السلطة القضائية، وقانون مجلس الدولة على حسب الأحوال، أو بموجب قانون يصدر استنادا للمادة (175) من الدستور.

            وقد جرى العرف فى جميع الدساتير السابقة على عدم تخصيص نصوص للنيابة العامة بإعتبارها جزءا من السلطة القضائية التى ينظمها قانون السلطة القضائية، كما أن نص المادتين (177) و(227) مفصلتين للسماح بعزل النائب العام، وهذه النصوص تغيب عنها المشروعية الدستورية لمخالفتها قاعدتى التجرد والعمومية. كما أن الاعتداء على السلطة القضائية مهما كانت مبرراته غير مقبول من ناحية المبدأ ويمثل خطرا داهما على استقلال القضاء، خاصة فى مرحلة تتركز فيها جميع السلطات عدا السلطة القضائية فى يد رئيس الجمهورية.

          ويتعين الالتزام بالنصوص الدستورية المتفق عليها مع الهيئات القضائية والتى تعتبر سندا دستوريا للقوانين الحالية للسلطة القضائية ومجلس الدولة والمحكمة الدستورية العليا. والدخول فى أى صورة من صور الخلاف أو الصدام مع القضاء لا يحقق المصلحة العامة ولا يساهم فى دعم قيام مؤسسات الدولة بأدوارها الدستورية فى هذه المرحلة الحرجة ولا يتفق مع استقلال القضاء وسيادة القانون.

            وأخيرا فقد نصت المادة (230) على استمرار مجلس الشورى فى أداء مهامه بتشكيله الحالى لحين انتخاب مجلس الشيوخ والمحدد له 90 يوما قبل التجديد النصفى للمجلس الحالى، أى بعد ما يقرب من سنتين ونصف. وهذا النص يستبق حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية القانون الذى تم على أساسه انتخاب مجلس الشورى بالمخالفة لمبدأ سيادة القانون، كما أن بطلان التشكيل لمخالفة القانون لمبدأ تكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون يهدر شرعية مجلس الشورى فى جميع الأحوال.

ثانى عشر – الخلل فى التوازن بين السلطات

          تضمنت مسودة الدستور نصوصا تمثل خللا فى التوازن اللازم بين السلطات لكفالة التلازم بين السلطة والمسئولية والتوازن اللازم لدفع السلطات المختلفة فيما بينها للتفاهم والخروج من الأزمة أو الخلاف.

          وعلى سبيل المثال فإن إعطاء رئيس الجمهورية بموجب المادة (142) حق إقالة الحكومة يجعل الحكومة مسئولة أولاً أمام رئيس الجمهورية قبل أن تكون مسئولة أمام مجلس النواب، وهو يعنى أن رئيس الجمهورية ينفرد بالسلطة التنفيذية دون أن يكون مسئولا سياسياً أمام البرلمان، بينما تظل الوزارة هى المسئولة دون أن يكون لديها سلطة فعلية، مما يؤدى الى انعدام التلازم بين السلطة والمسئولية، والخلل فى التوازن بينهما، وقد دلت التجربة المصرية فى ظل دستور 1923 على أن جمع رئيس الدولة بين سلطة حل البرلمان وإقالة الحكومة يؤدى من الناحية العملية الى تعطيل الدستور ويستحيل فى ظله إحداث التوازن بين سلطات الدولة.

          والمقترح أن يعين رئيس الجمهورية رئيس الوزراء ولا يجوز إعفاءه من منصبه إلا فى حالة استقالة الحكومة وفقا للدستور وأن يعين رئيس الجمهورية نواب رئيس الوزراء والوزراء ويعفيهم من مناصبهم بناء على إقتراح رئيس الوزراء.

          أما المادة (129) فهى تسمح لرئيس الجمهورية بحل مجلس النواب بعد استفتاء الشعب، ويقتضى التوازن بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية أن يكون لرئيس السلطة التنفيذية حق حل مجلس النواب عند الضرورة مقابل حق مجلس النواب فى سحب الثقة من الحكومة، وهذا التوازن يدفع السلطتين الى التوازن والتعاون والابتعاد عن الصدام، خاصة وأن حل مجلس النواب يقتضى العودة للشعب للإنتخابات المبكرة مما يجعل الاستفتاء وهو أيضا عودة للشعب تحصيل حاصل. ولذلك يقتضى التوازن بين السلطات إما اعطاء الرئيس حق الحل عند الضرورة دون استفتاء أو النص على وجوب استقالة الرئيس فى حالة رفض الاستفتاء لحل المجلس، وذلك لتحقيق الهدف من التوازن وهو الدفع للتفاهم والتعاون بدلا من الصدام.

          ومثال آخر هو المادة (153) والتى تعطى رئيس الجمهورية حق دعوة الناخبين للإستفتاء دون ضوابط. ويجب إحاطة حق الرئيس فى اللجوء إلى الاستفتاء بضمانات تحول دون الالتجاء إلى هذا الطريق للخروج على الشرعية وأحكام الدستور وهو ما أخذ به الدستور الفرنسى أخيراً، ويلاحظ أنه بحكم تجربتنا السابقة كانت الاستفتاءات تستخدم كأداة الطغيان وهو سبب أدعى للاحتياط.

          والمقترح هو وضع ضوابط لممارسة الرئيس لهذا الحق بالإضافة للنص على أن يكون لعشرين عضواً من أعضاء مجلس النواب أو لعشرة أعضاء من مجلس الشيوخ حق عرض الاقتراح المطروح للاستفتاء على المحكمة الدستورية العليا للبت فى مدى اتساقه مع الدستور، وعلى المحكمة أن تفصل فيه خلال 15 يوماً، فإذا انتهت إلى مخالفة الإقتراح أو جزء منه للدستور وجب تعديله وفقاً لما تقرره المحكمة قبل عرضه على الاستفتاء.

ثالث عشر – الاستفتاء على الدستور وعلى استكمال مدة رئيس الجمهورية

          تقضى الأعراف الدستورية بضرورة إعادة الانتخابات طالما تم تغيير شروط ترشيح الرئيس واختصاصاته. والمقترح كحل بديل الاستفتاء على استمرار رئيس الجمهورية حتى نهاية مدته فى ورقة منفصلة عن ورقة الاستفتاء على الدستور.

          وبينما تقضى الأعراف الدستورية، على الأقل فى مصر، بأن يتم اقرار الدستور بموافقة الأغلبية فى استفتاء عام، إلا أن هذا يفترض أن الدستور توافقى وتم اعداده من جمعية تأسيسية لايسيطر عليها أى فصيل سياسى، ويقوم تشكيلها على أساس الخبرة والكفاءة وعدالة التمثيل ومن اغلبية من المستقلين. وحيث أن التشكيل الحالى معيب ومطعون على دستوريته، فالحل هو إما ان تصل الجمعية الحالية إلى دستور توافقى دون تصويت، وهو احتمال أصبح شبه مستحيل نظرا لطبيعة التشكيل الحالى، أو أن يعاد تشكيلها على نحو سليم ومتوازن، من أغلبية من الخبراء المتخصصين والمستقلين لتصل إلى دستور توافقى ديمقراطى حديث. وفى كل الأحوال يجب أن ينص الدستور الجديد على أغلبية خاصة للموافقة على الدستور فى الاستفتاء حتى يكون حقا دستور لكل المصريين.

             الدكتورة منى ذو الفقــار

         المحاميــة

المجلس القومي للمرأة يواصل فعاليات برنامج ريادة الأعمال بمحافظة الشرقية

في اطار المشروع القومى لتنمية الأسرة المصرية ، وتنفيذا للمبادره الرئاسيه" حياه كريمه " يواصل فرع المجلس القومي للمرأة بمحافظة الشرقية سلسله تدريبات رياده الاعمال لتمكين السيدات اقتصاديا ، وذلك بقرى المحافظة ، خلال الفترة من ٥ وحتى ١٢ ابريل ٢٠٢٢. يذكر أن برنامج ريادة الأعمال يستهدف تدريب ١٣٦ ألف سيدة على إدارة مشروعاتهن ، و يتضمن تعريف السيدات بمبادئ التخطيط ، والتسويق ،والمفاهيم الأساسية لريادة الأعمال كالإبتكار وتقييم الفرص  وإدارة الوقت والمسؤوليات وتحديد الأولويات ، بالإضافة إلى شرح نموذج العمل التجاري وقواعد المحاسبة وخطوات تسجيل وترخيص أى مشروع جديد ، كذلك التعرف على عدد من الجهات التى تقدم خدمات المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر و التى يمكن للسيدات الاستفادة من خدماتها  .  

الثلاثاء 12 أبريل 2022 02:28 م