" تعرف يعني إيه وطن يسكنك "

عندما أعود بذاكرتي للوراء يقفز إلى مخيلتي فترة مهمة في حياتي تعد من العلامات الفارقة التي تركت في داخلي أثراً كبيرً لا يمكن يمحى ، واستطاعت أن تشكل جزءاً كبيراً من وجداني ، وهنا أتحدث عن تجربتي كطالبة في إحدى مدارس الراهبات ، ذلك المكان الذي لمست فيه عن قرب مدى المحبة والمودة والدفء الذي يجمع بين أبناء هذا الوطن ذلك النسيج الواحد المتماسك الذي يصعب تفرقته أو تقسيمه فلن أنسى صورة الراهبة وهي تعزف لنا على بيانو المدرسة ومُعلمة الدين تغني بصوت عذب رخيم أنشودة "طلع البدر علينا .. من ثنيات الوداع" .

تعلمت من معلماتي والراهبات اللاتي أدين لهن بكل الفضل ، المعنى الحقيقي للانتماء للوطن ، وأن الاختلافات التي بين بني البشر ، لا يمكن أن تكون أبداً سبباً للتفرقة ولكنها وسيلة مبدعة ربانية لتمييزنا عن الآخرين ودليل على مدى القدرة الإلهية في خلق وصنع التنوع والاختلاف في كل شيء ، وأننا كمصريين كنا من أوائل الشعوب التي أدركت هذه الحقيقة منذ آلاف السنين .

وكلما كانت تمر السنوات وأنظر لما يحدث حولنا عن قرب في أوضاع الدول المختلفة والتعرف على الواقع والظروف والصراع الدائر داخل عدد من هذه الدول ، لاختلاف في عقيدة أو فكر أو أيديولوجية ، أشعر بفخر واعتزاز بالانتماء لهذا الوطن ، وأدرك مدى حقيقة قول الرسول "ص" ، إن المصريين في رباط إلى يوم الدين ، وأن التسامح والمحبة هما سمة شعب مصر ، ذلك الوطن الساكن في قلوبنا ، الضارب بجذوره في أعماقنا ، النابض فينا ، أو كما سمعت من إحدى واعظات وزارة الأوقاف يوماً "تعرف يعني إيه وطن يسكنك .. يعني هتلاقي نفسك تتألم لألمه .. وتلاقي نفسك تفرح لفرحه .. كل حاجة فيه بتقولك أنت غصب عنك .. ترابك مني" .

مصر .. تلك الأرض الطيبة التي باركها الله وكتب عليها الأمن والأمان إلى قيام الساعة ، وقال عنها في كتابها الكريم في سورة يوسف "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين" كما تم ذكرها في القرآن الكريم في أربعة وعشرين موضعاً خمسة منها بلفظ صريح ، وتسعة عشر دلت عليها القرائن والتفاسير ، ومصر في الكتاب المقدس "الإنجيل" ذكرت في كثير من الآيات وبلغت عدد الآيات 697 آية ، منها 670 آية في العهد القديم والأسفار القانونية الثانية ، و27 آية في العهد الجديد ، كما ذكرت مصر في التوراة 12 مرة وذكرت على أنها خزائن الأرض فمن أراد بها سوءاً قصمه الله ، هذا بالإضافة إلى ما جاء في الأحاديث النبوية الشريفة عن فضل مصر وأهلها حيث قال الرسول "ص" عن أهل مصر : "فَاسْتَوْصُوا بِهِم خَيْرًا ، فَإنَّهُم قُوَّةٌ لَكُم ، وَبَلَاغٌ إِلَى عَدُوِّكُم بِإِذْنِ الله" .

ومن عظم الفضائل التي اختص الله بها مصر أن هذا الوطن قد شرف باستقبال الأنبياء على أرضه فقد قام إليه نبي الله إبراهيم عليه السلام وسكن به نبي الله يوسف وأخوته وأبيهم نبي الله يعقوب عليهم السلام ونشأ به نبي الله موسى عليه السلام ، كما جاءه السيد المسيح عليه السلام هو وأمه مريم العذراء أطهر نساء العالمين طالبين فيه الأمان والحماية .

وهو الذي رحب به الإسلام والمسلمين على أرضهم وساهم في نشر الإسلام الوسطي ، وكانت هي البلد التي اختارتها السيدة زينب بنت السيدة فاطمة رضي الله عنها لكي تعيش فيها ، وعندما قدمت إلى مصر خرج جموع المصريين في كل مكان وعلى رأسهم والي مصر لاستقبالها والترحاب بحفيدة رسول الله وحينها قالت دعاءها المأثور : "يا أهل مصر ، نصرتمونا نصركم الله ، وآويتمونا آواكم الله ، وأعنتمونا أعانكم الله ، وجعل لكم من كل مصيبة فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً" لتكون هذه الدعوات المباركات التي اختصت بها مصر هي الملجأ والحصن الحامي لنا كمصريين .

فمصر هي أم الدنيا ، والحضن الدافئ الذي يحتضن كل من يأتي إليها طالباً الحماية والأمن والأمان سواء كان زائراً أو لاجئاً أو فاراً من ويلات الحروب وآنات النزاعات والصراعات المسلحة ، ومن الاضطهاد والعنف والطائفية ، والتي نجحت مصر في الصمود والثبات أمامها وأمام كل المحاولات التي سعت لهدمها وتفكيكها في الوقت التي لم تستطع فيه شعوب أخرى الصمود وسقطت عند أول الطريق .

وإذا كانت الحقيقة كما يقولون دائماً لها أكثر من جانب فإننا نجد على الجانب الآخر الحقيقة المؤكدة التي لن نختلف عليها أن الإرهاب والتطرف ، والنفوس الضعيفة التي تحاول الدخول بيننا كعدو لدود ، يحاول قتل أحلامنا وهدم أفضل ذكرياتنا ، وتفريق جمعنا ، وتضليل أفكارنا ليست سوى سحابة سوداء تظلل على سمائنا ، مصيرها الطبيعي الاختفاء ، وذلك بالطبع من خلال العمل الجاد من قبلنا والإصرار كأفراد ومؤسسات على التماسك ووحدة الصف .

والمجلس القومي للمرأة يؤمن بمدى كبر حجم المسؤولية الملقاة على عاتق المرأة المصرية في الحفاظ على هذا الوطن من خلال مساندتها لبلدها في محاربة الأفكار المتطرفة المضللة التي تسعى لهدمه وزعزعة استقراره وبث الفرقة بين أبنائه ومحاولته العقيمة لإيجاد اختلافات فيما بينهم وتقسيمهم تحت مسميات متعددة ، فالمرأة المصرية دورها في هذه المرحلة شديد الخطورة كأم وزوجة وصانعة لجيل من الأبناء والبنات هم مستقبل هذا البلد .

وما أراه جميلاً بالفعل في المرأة المصرية مدى الإيمان والرضا والصبر الذي تتمتع به ، تلك المرأة العاشقة لتراب هذا الوطن ، التي تضحي بأحب ما لديها من أجل أن يعيش هذا الوطن شامخاً مرفوع الرأس ، وما أدل على ذلك مما قالته لي أمهات وزوجات وبنات شهداء الجيش والشرطة الأبرار خلال لقاءات متفرقة بهن ، فهذه أم تقول بعزيمة قوية كالجبال "أنا أم الشهيد بكل فخر ، ولو كان لدي ابن آخر لم أكن لأبخل به على مصر" ، وزوجة شهيد بطل تقول "كان عندي 27 سنة يوم استشهادة .. والنهاردة عندي 31 سنة .. وعندي طفلين .. بشوفه فيهم وبشوف مستقبل مصر فيهم .. أتجوز تاني ليه .. الحب اللي كان بيني وبينه ما انتهاش باستشهاده .. أنا بحبه وهو معايا في كل لحظة .. هو استشهد علشان مصر تعيش .. وأنا هاعيش علشان مستقبل مصر يبقى أحلى" ، وأتذكر كلمات ابنة الشهيد العميد ياسر الحديدي الذي استشهد في تفجيرات بالعريش وهي تقول أمام السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية ، إنّ ما جعلها تحتمل فراق والدها ، أنه توفي وهو شهيد ، حي يُرزق في الجنة ، يشعر بها ، ومن ثم صممت أن تجتهد ، وأنّ تصبح الأولى في مدرستها كما كان يرغب والدها ، ووجّهت رسالة لكل "الخونة والإرهابيين" ، قائلة : "الشرطة والجيش زي الحفرة ، كل ما بتاخد منهم بيزيدوا ، وهيقضوا عليكوا وعلى اللي بيساعدكم" .

فما أجمل هذه الأم ، وما أروع هذه الزوجة ، وما أوفى هذه الابنة ، لا أعتقد أن هناك من مؤلف على وجه الأرض يستطيع أن يكتب ملحمة تجمع بين الحب والوفاء والإخلاص وتكون أروع من هذه القصص ، فما هذه القوة والصمود والعزة التي لديهن ، من أين تعلمن كل هذه المعاني الجميلة الصادقة ، وما هذه المرأة التي لا تنحني أو تنكسر مهما مر عليها من أزمات ومصاعب تعتصر بها القلوب وتهتز لها أعتى الجبال .

وإذا كنا نتحدث عن صمود المرأة المصرية فأنا أتذكر جيداً كلمات السيدات المصابات في حادث تفجير كنيسة البطرسية أثناء القداس في العباسية بمدينة القاهرة المؤسف والمفجع الذي وقع في ديسمبر 2016 وهز كيان المجتمع المصري بأكمله واستشهد على إثره وأصيب العشرات، فعندما ذهبت لزيارتهن بالمستشفى ، قابلت في ذلك اليوم سيدة من المصابات كانت طريحة الفراش قالت لي وعلى وجهها ابتسامة حنونة متفائلة "أنا حياتي فداء لمصر" .

وحتى هذه اللحظة لا يغيب عن عقلي وجه إحدى الأمهات التي أصيبت هي وابنتها في هذا الحادث الإرهابي الأليم ، وكانت حالة ابنتها فلذة كبدها غاية في الخطورة اقتضت دخولها إلى العناية المركزة بين الحياة والموت لتلقي العلاج ، والتي قالت لي وهي تقف بكل ثبات وجلد "كلنا مستعدين نموت ومصر تعيش" ، وقد تألمت كثيراً عندما علمت بوفاة ابنتها بعد ذلك اليوم متأثرة بجراحها ، وصوت هذه الأم لم يفارقني وهي تقول "صعودها للسماء عروسة فداء لمصر" .

ولن ننسى أيضاً ما قامت به سيدات سيناء من دور رائع يضرب به المثل في التلاحم والترابط للتضامن ومواساة أمهات وزوجات وبنات ضحايا هجوم بئر العبد بشمال سيناء وهو الهجوم المسلح الذي استهدف مسجداً يقع بقرية الروضة وأسفر عن سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى الذين كانوا يؤدون شعائر صلاة الجمعة ، فقد كان للمرأة المصرية في هذه البقعة المباركة من أرض مصرنا الحبيبة دوراً مهماً في إعادة الاستقرار والبناء والحياة مرة أخرى في القرية التي شهدت هذا الإرهاب الغاشم وفي مساندة جهود الدولة في حربها على الإرهاب .

وما بين الهجوم الإرهابي على الكنيسة البطرسية ومسجد الروضة رسالة للعالم بأن الإرهابي اغتال المصلين والمصليات !! يغتال السلام يغتال الجامع والكنيسة ويغتال الأطفال والسيدات والرجال .. الإرهاب لا دين له .

وكلما أتذكر هذه الأحداث أشعر برعشة قوية تختلج صدري وتهز كياني فما هذا الوطن الحقيقي بشعبه ، وما هذا الشعب الذي يموت .. يموت لتحيا مصر ، أعتقد أنه لو كان قدر لهؤلاء الإرهابيين الجبناء الذين قاموا بهذه الأعمال الإرهابية سماع هذه الكلمات كانوا أعادوا التفكير آلاف المرات قبل قيامهم بهذه الأعمال الإجرامية .

مشاعر مختلطة من الإعجاب والانبهار والاحترام والتقدير أشعر بها ، ولا أجد لكلمات هؤلاء السيدات العظيمات أدق مما جاء في وصف القائد العربي الحجاج بن يوسف الثقفي لأهل مصر في وصيته لطارق بن عمرو حين صنف العربي قائلاً "هم أهل قوة وصبر وجلد ، لا يغرنك صبرهم ولا تستضعف قوتهم ، فهم إن قاموا لنصرة رجل ما تركوه إلا والتاج على رأسه ، وإن قاموا على رجل ما تركوه إلا وقد قطعوا رأسه ، فاتقي غضبهم ولا تشعل ناراً لا يطفئها إلا خالقهم" .

فانتصر بهم فهم خير أجناد الأرض واتقي فيهم ثلاثاً : نساؤهم فلا تقرب لهم بسوء وإلا أكلوك كما تأكل الأسود فرائسها ، أرضهم وإلا حاربتك صخور جبالهم ، دينهم وإلا أحرقوا عليك دنياك .. وهم صخرة في جبل كبرياء الله تتحطم عليهم أحلام أعدائهم وأعداء الله" .

نعم لابد للعدو أن يخاف وأن يشعر من داخله بالرعب وأن يراجع كل حساباته وهو يحارب هذا الشعب المناضل الذي لا ييأس ولا يقهر والذي لم ولن يفقد الأمل في وطنه ، وعلى العدو أن يفكر كثيراً عندما يسعى للمساس بوحدتنا وأمننا ، ويتأكد أن طريقه لن يكون ممهداً ، وأن كل محاولاته فاشلة بلا أدنى شك .

وليعلم جيداً أنه إذا كنا نفقد كل يوم شهيد من خير أجناد الأرض فإننا نكسب جيشاً من الأمهات والزوجات والبنات اللاتي عاهدن الله أنهن لن يتركن مساندة مصر ودعمها .

وانطلاقاً من جميع ما ذكرته سابقاً من أمثلة تدل على عظمة المرأة المصرية وحجم تضحياتها لوطنها كان لزاماً علينا في المجلس القومي للمرأة أن نقوم بدور فاعل تضامناً مع جهود الدولة لبدء ثورة حقيقية ضد التطرف والإرهاب ، وتجديد الخطاب الديني ، وتدعيم حقوق المرأة وترسيخ مظاهر تكريمها .

ولقد كانت من أهم المحطات التي قام بها المجلس والتي بدأت في أبريل من عام 2017 عام المرأة المصرية إطلاق مبادرة "معاً ..0 في خدمة الوطن" والتي يتعاون فيها كل من وزارة الأوقاف والكنائس المصرية الثلاثة وتهدف إلى الجمع بين واعظات وزارة الأوقاف والراهبات وخادمات ومكرسات الكنائس في مكان واحد وتدريبهن ليكن أداة تدعم دور المجلس والوصول بهن إلى أقصى ربوع الجمهورية للمشاركة في بناء مجتمع متماسك آمن يقبل التنوع ويحترم التعددية الفكرية والاختلاف ، ولخلق جبهة واعية من سيدات مصر للدفاع عنها ولحمايتها تحت أي ظروف .

نسعى من خلال هذه المبادرة لنشر روح المحبة وقبول الآخر على اختلافه ، فقد كنا ونحن ندرس هذه المبادرة نضع أمام أعيننا هدفاً واحداً هو أن تكون هذه المجموعة التي سيتم تشكيلها وإعدادها من السيدات نقطة الانطلاق الحقيقية لتذكير الكبار منا والذين عاصروا مصر في سنوات ماضية ليست بالبعيدة بالروح السمحة التي كانت سائدة بين المصريين والمصريات ، وأن نوضع في نفس الوقت للأجيال الجديدة التي لم تعاصر هذا الزمن الجميل وكانوا بكل أسف عرضة لمحاولات مجموعة من أصحاب الأفكار الإرهابية في زعزعة عقيدته ويقينه بوحدته ، كيف للمصريين والمصريات أن يقفوا بجانب بعضهم البعض وأن يتعاملوا معاً لأهداف ثابتة ولقضايا موحدة ، ولكي نخبر الناس أن الدين يجمع ولا يفرق .. وأن الاختلاف فريضة إنسانية كتبت علينا ، وهي أهم الرسائل التي نحاول توصيلها من خلال هذه المبادرة ، التي تقوم على إعداد كوادر مدربة قادرة على التواصل الجماهيري مع كل فئات المجتمع خاصة النساء والأمهات في القرى وفي النجوع والكفور للتأكيد على دور الأم في ترسيخ قيم قبول الآخر واحترام التنوع داخل الأسرة وفي المجتمع المحيط وتماسك المجتمع الداخلي لمساندة الدولة في حربها للقضاء على التطرف والانتصار على الإرهاب .

وأتذكر كلماتي للواعظات والراهبات وخادمات الكنائس في أول لقاء جمعني بهن ، بأن الفرصة الآن لسيدات مصر قوتها الناعمة للحفاظ على البلاد من التطرف وأن يشكلِّن "جيش سيدات مصر" الذي يوجه رسالة إلى العالم أجمع أن المرأة المصرية هي خط الدفاع الثالث عن وطنها ، وكان إطلاق مبادرة "معاً .. في خدمة الوطن" بإعلان :

"نحن معاً .. لخدمة الوطن سوياً لمواجهة تحديات وقضايا الوطن المشتركة" .

نحن معاً .. لتعزيز دور الإنسان المواطن المصري في مواجهة خطط أعداء الوطن للنيل من وحدته ، ووحدة أراضيه من خلال اختراق الوحدة الوطنية وضرب علاقة المواطنة بين المصريين والمصريات .

نحن معاً من خلال تواجد المرأة المصرية بكل فئاتها لنعمل معاً يداً بيد في تربية جيل جديد يؤمن بالتعددية والتنوع ويقبل الآخر ليعيشوا معاً في تسامح وإخاء .

نحن معاً .. نشكل قوة عمل مشتركة بين الواعظات وخادمات الكنائس والراهبات برعاية المجلس القومي للمرأة ووزارة الأوقاف والكنائس المصرية الثلاثة لإطلاق مبادرة "معاً .. في خدمة الوطن" لتكون الشعلة التي تضيء مستقبل مصر على أساس من التنوع والتعددية وقبول الآخر واحترامه" .

بعد هذا الإعلان ، بدأنا الإعداد للبرنامج التدريبي الذي يستهدف رفع المهارات الذاتية وتعزيز الخبرات العملية للواعظات والراهبات وخادمات الكنائس المستهدفات من هذه اللقاءات ، لتأهيلهن للانخراط في حملات طرق الأبواب وكل مبادرات التوعية المجتمعية التي يطلقها المجلس القومي للمرأة في جميع محافظات مصر ، ولقد وجدنا استعداد هؤلاء السيدات اللاتي أصبحن مهيئات للاستعانة بهن في حملاتنا لطرق الأبواب "معاً .. في خدمة الوطن" .

حيث يزور المجلس جميع القرى والكفور والنجوع في كل جزء في جمهورية مصر العربية ، نتحدث مع الناس عن قضايا الوطن .. نطرق الأبواب .. ندخل إلى بيوت المصريين والمصريات .. بصحبة راهبة وواعظة .. نتحدث في القضايا التي تشغلهم ونتيح الفرصة لكل واحد منهم أن يسأل عن كل ما يجول بخاطره لنجيب عليهم بكل حب وصدق وشفافية .

والمبادرة التي ينفذها المجلس هي مبادرة متواصلة .. فنحن نعقد لقاءات مع الواعظات والراهبات والمكرسات وخادمات الكنائس من فترة لأخرى ، لكي نقيِّم ما تم بالفعل .. ونبحث كيف يمكننا تطوير أدائنا .. وما هي الأماكن التي لم نذهب إليها من قبل وبحاجة إلى الزيارة .. ونستمع إلى إنجازاتهن وعملهن على أرض الواقع .

ويواصل المجلس جهوده خلال هذه اللقاءات لخلق لغة حوار مشتركة بين الواعظات والراهبات وخادمات الكنائس الثلاثة وأن يكون بينهن تفاعل ومعايشة حقيقية ، ولقد وجدنا منهن تقبل واستعداد للتعاون مع بعضهن البعض ، وفي كل مرة كنا نجتمع بهن كن يدهشننا ويسعدننا في نفس الوقت بكم التآلف الأخوي والروحي الرهيب وعمق المحبة التي تجمع بينهن .

ولأول مرة ، ينظم المجلس للواعظات والراهبات وخادمات الكنائس رحلة ميدانية إلى منطقة مجمع الأديان ، وكانت رحلة أكثر من رائعة تشاركت فيها الواعظات والراهبات أجمل اللحظات .. التقطن فيها أجمل الصور التي تستطيع أن ترى من خلالها مصر بشكلها الحقيقي المعتدل الجميل كأرض للمحبة والسلام .

"لما شفت الواعظة مع  الراهبة حسيت بالاستقرار فعلاً وحسيت أن الدنيا لسه بخير وحست بشعور لا يوصف.. هو أني حبيت كل اللي شفته هناك.. وحت أن فعلاً ده بيحصل في بلدنا مش كلام أو شعارات إحنا بنرددها بس.. لأ ي حاجات احنا بنمر بيها فيه تآلف رهيب بيننا كلنا أخوات " هذه كلمات إحدى الراهبات ولا يمكن أن يكون هناك تعليق أكثر تعبيراً عن حقيقة وصدق ما يجمع هؤلاء السيدات أكثر من هذه الكلمات.

وتأتي المحطة الثانية للمجلس وهي تنظيم مبادرات التوازي علي مستوى محافظات الجمهورية ، اخترنا لها عنوان "المرأة صانعة السلام: معا ضد التطرف والإرهاب" والتي عُقدت في عام 2017 تزامناً مع اليوم العالمي للسلام الموافق 21 سبتمبر من كل عام.

هدفنا كان واضحا من هذه المبادرات وهو التوضيح لجموع الشعب المصري ما هو الدور الذي من الممكن أن تقوم به المرأة المصرية في نشر السلام ومواجهة إلي العالم أجمع ، أن سيدات مصر بكل فئاتها من أقصى جنوبها حتي شمالها ومن شرقها لغربها يقفن معاً ضد التطرف والإرهاب.

لتخرج هذه المبادرات ببيان موحد شارك ي صياغته 7..0 سيدة مصرية من كل أنحاء مصر وحمل عنوان "المرأة صانعة السلام" كان أهم ما جاء به "نعلن نحن  سيدات مصر مساندتنا لمصرنا الحبيبة في حربها ضد الضروس ضد الإرهاب بعزيمة لا تلين لإرهاب غاشم يزهق أرواح أبناء وبنات وطننا ،  وبإصرار لا يعرف الخوف ولا ينال منه حزن علي من ذهب من شهدائنا الأبرار فداءً للوطن " .

وإننا سيدات مصر نهيب بجميع شركاء الوطن أن يستثمروا استثماراً حقيقياً في مكافحة الفقر، خاصة الأشكال التي تعاني منها المرأة.

ونشدد علي الدور الحاسم للمرأة كونها الراعية الأساسية للأسرة المصرية في رصد الممارسات التي تحض علي التطرف والإرهاب.

ونؤكد علي أهمية التعليم الجيد وعلي ضرورة القضاء علي كل أشكال الأمية بما يتجاوز القراءة والكتابة، ونلح علي أهمية بناء قدرات المرأة علي الصعيدين الوطني والمحلي، وتمكينها اقتصادياً وسياسياً، وتوعيتها بمجريات الأمور لتكون السند القوي في منع التطرف ومقاومة الإرهاب؛ وندعو إلي ضرورة ضمان وجود مزيد من القيادات النسائية في جميع مستويات صنع القرار في كل المجالات، لاسيما في مجال تعزيز السلم والأمن والقضاء علي الإرهاب ومحاربة الفكر المتطرف؛ ونطالب بإشراك المرأة بشكل فاعل في ضوع خطط وسياسات الاستراتيجية الوطنية الشاملة لمكافحة التطرف والإرهاب، والتي سيعدها المجلس القومي لمواجهة التطرف والإرهاب.

أما المحطة الثالثة فهي المبادرة التي ينفذها المجلس بعنوان "مصر ارض المحبة والسلام"، بالتعاون مع وزارة الثقافة والتي انطلقت من محافظة المنيا ونسعي لتطبيقها في كل مكان، لندخل بها إلي جميع القري بمحافظة مصر، لنعمل علي الدمج بين الأطراف المختلفة من خلال تنفيذ عدد من الأنشطة الثقافية والفنية التي تساهم في إزالة كل الفوارق التي بينهم وتتنوع ما بين مسرح تفاعلي، وتدريب حرفي، وتنظيم مسابقات، وعقد ندوات تثقيفية، وتلوين للأطفال، كما تتولي السيدات تعليم بعضهن البعض كيفية إعداد أنواع مختلفة من الطعام، وفي حفل عام مشترك يتناول الجميع ما صنعوه معاً، ليقتسمن الرغيف، ويغمسن العيش والملح في طبق واحد.

وخلال تنفيذ هذه الأنشطة يأتي دور الواعظة والراهبة وخادمات الكنائس في إدارة حوار مع الأفراد بهذه القرى عن المحبة والسلام وقبول الآخر والعيش المشترك.

وقد قامت الواعظات والراهبات والمكرسات وخادمات الكنائس أو "جيش سيدات مصر" خلال العامين الماضيين بدور متميز وفريد من نوعه، خرجن من اللقاءات التي جمعت بينهن والتي خيم عليها المحبة والتآلف بدروس وعظات مهمة أضافت إلينا واستفدنا منها في جهودنا وأنشطتنا التي نقوم بها من أجل المرأة ومن أجل مصر، لذا كان لزاماً علينا أن نتقدم لهن بجزيل الشكر علي كل ما قدموه لهذا الوطن ومستمرين في تقديمه، ولكن كان السؤال الصعب الذي طرحناه على انفسنا كيف يكون شكل التكريم المناسب لهن.

وما هو أفضل من أن يتم تكريمهن من قبل السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية خلال احتفالية المرأة المصرية في مارس الماضي.

لتأتي اللحظة المنتظرة التي كانت بالفعل لحظة فارقة لهن، مشهد لا ينسى لحظة وقوفهن علي المسرح متشابكات الأيدي تظهر على وجوههن علامات الفرحة والمحبة، ويسمع في الخلفية صوت الأذان يتداخل في نفس اللحظة مع ترانيم كنائسية يعزفن معاً لحناً عذباً جميلاً، ليرسمن معاً لوحة فنية جميلة لا تخطئها عين فنان، ولتأتي كلمات السيد الرئيس مكملة لهذا المشهد الخلاب، حيث وجه السيد الرئيس الكلمة لهن قائلاً "أتوجه بالشكر لكن جميعاً ولكل سيدة مصرية تقوم بدور في تقوية الروابط في مجتمعها، ونشر المحبة بين الناس، ونقدر ونحترم الدور الذي تقومون به.. هذا شكر مني فقط.. ولكن من جميع المصريين والمصريات.. الذين رأوا هذا الجهد الجميل المقدر من الله.. لنشر المحبة والسلام والتآخي والرضا بين الناس.. فما أجمل من ان تروا رد الفعل في كل لقاء تقمن به .. وأشكركن شكراً لما تتركوه من حالة طيبة بين الناس " ليختتم كلمته بمنحن لقب "سفيرات المحبة والسلام".

وبهذه الكلمات المتميزة من السيد الرئيس والتي خرجت من القلب لتصل قلوبهن وقلوب كل من شارك في الاحتفالية، ولتمنحهن وتمنحنا معهن مزيدا من الإصرار والاستمرار في العمل الذي بدأ بفكرة صغيرة لتحول إلي واقع وحقيقة وإنجاز نعيشه الآن ونلمس آثاره في المجتمع، لتظل مصر علي مدار التاريخ رمزاً للحضارة ومهداً لجميع الأديان حاملة معهاً كل معاني المحبة والتسامح والسلام، ولتبقي المرأة المصرية رمانة الميزان ومركز الدفع وشحذ الهمم والطاقات.

وختاماً.. لكم مني سيدات مصر وعظيماتها، كل التحية.. تحية تقدير واعتزاز لكل امرأة مكافحة قوية واعية مؤمنة بوطنها، ولكل أم وأخت وزوجة وأبنة فقدت شهيداً من شهداء الوطن الأبرار، فلصمودكن ننحني إجلالاً وتقديراً، دمتن حصن مصر الحامي لأرضها، الحافظ لرايتها خفاقة أبية شامخة مرتفعة إلي عنان السماء، لا تنكسر ولا تنحني أبد الدهر.

المجلس القومي للمرأة يواصل فعاليات برنامج ريادة الأعمال بمحافظة الشرقية

في اطار المشروع القومى لتنمية الأسرة المصرية ، وتنفيذا للمبادره الرئاسيه" حياه كريمه " يواصل فرع المجلس القومي للمرأة بمحافظة الشرقية سلسله تدريبات رياده الاعمال لتمكين السيدات اقتصاديا ، وذلك بقرى المحافظة ، خلال الفترة من ٥ وحتى ١٢ ابريل ٢٠٢٢. يذكر أن برنامج ريادة الأعمال يستهدف تدريب ١٣٦ ألف سيدة على إدارة مشروعاتهن ، و يتضمن تعريف السيدات بمبادئ التخطيط ، والتسويق ،والمفاهيم الأساسية لريادة الأعمال كالإبتكار وتقييم الفرص  وإدارة الوقت والمسؤوليات وتحديد الأولويات ، بالإضافة إلى شرح نموذج العمل التجاري وقواعد المحاسبة وخطوات تسجيل وترخيص أى مشروع جديد ، كذلك التعرف على عدد من الجهات التى تقدم خدمات المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر و التى يمكن للسيدات الاستفادة من خدماتها  .  

الثلاثاء 12 أبريل 2022 02:28 م