ابعت اللجنة المشكلة من نخبة من نقاد وخبراء الدراما بالمجلس القومى للمرأة الأعمال التى قدمتها شاشات التلفزيون خلال الموسم الرمضانى بإهتمام بالغ ، حيث رصدت غزارة الإنتاج الذى يقارب أربعين عملاً جديداً وتنوعه الشديد فى مختلف التجارب , ومشاركة عدد ضخم من النجوم والكتاب والمخرجين فيه وصناع الدراما من الأجيال المختلفة , الأمر الذى يشير إلى حيوية إبداعية فائقة على الرغم من الظروف الدقيقة التى تمر بها الحياة المصرية العامة ، وما تتطلبه من رعاية خاصة للأوضاع الإجتماعية والثقافية ويتطلب متابعة نقدية واعية ورشيدة

وقد لاحظت اللجنة منذ بداية عملها أنه نتيجة لما ساد فى الفترة الماضية من إنسحاب الدولة شبه التام من مجال إنتاج بعض الأعمال الدرامية الكبرى التى تحدد المستوى الرفيع فى المجالات التاريخية والوطنية والإجتماعية وتعد نموذجاً ينافس الإنتاج الخاص ، فقد غلبت على الأعمال المقدمة هذا العام مراعاه شروط السوق وطموح رأس المال فحسب فى جذب الإعلانات وإبهار الجمهور والإفراط فى إستخدام العنف والجنس وإشباع الروح الإستهلاكية حتى ولو أدى ذلك إلى إهدار القيم الفنية والجمالية .. الأمر الذى ينتهى إلى الهبوط بالذوق العام لدى المشاهدين.

  ونتيجة لذلك أرتأت اللجنة مايلى  :

 أولاً : تهيب بمؤسسات الدولة المسئولة أن تستعيد دورها فى تخصيص الموارد الكافية لإنتاج عدد من الأعمال التاريخية والوطنية الكبرى التى تجسد نضال الشعب المصرى فى إسترداد حريته وكرامته ومواجهه تحديات المستقبل لأن ذلك يدخل فى صميم الدعم المعنوى للوعى والعقل والثقافة وهو لايقل أهمية عن نظيره من أشكال الدعم المادى لمتطلبات العيش الأولية , خاصة فى هذه المرحلة التى تشتد محنة العقل المصرى بالتضليل الذى يمارسه تجار الدين وأعداء الوطنية  .

 ثانياً : إزاء تفاقم بعض الظواهر السلبية التى سوف نشير اليها فى هذه الأعمال ،تدعو اللجنة المؤسسات الثقافية والاعلامية المسئولة الى تشكيل آليات تتولى تصنيف الأعمال طبقاً للمستويات العمرية للمشاهدين وفرض التنويه بها وتنظيم مواعيد العرض كما هو معمول به فى كثير من الدول الحريصة على حرية التعبير.

ثالثاً : فيما يتعلق بصورة المرأة فى هذه الاعمال ..ترى اللجنة استمرار غلبة المنظور الذكورى عليها بصفة عامة ، دون محاولة إنصاف المرأة أو الإيحاء الفنى برفع الظلم الاجتماعى الواقع عليها ، إذ تجعل من العنف والقسوة والتمييز والتهوين من قدرها حقائق يتم التسليم بها دون إشارة ولو غير مباشره لأخطارها ، ولا يمكن أن يكون تمثيل الواقع كما هو حائلا دون قيام الفن برسالة تجاوزه ،

 رابعاً : فى هذا الصدد لاحظت اللجنة مثلا ابتعاد جميع الاعمال الدرامية عن تقديم بعض النماذج الايجابية التى حفلت بها الحياه المصرية فى السنوات الاخيرة منذ ثورة يناير 2011 ودور المرأة البطولى فيها ومقاومتها الشجاعة للفاشية الدينية وتصدرها صفوف المواطنين خلال ثورة 30 يونيو لإنقاذ مستقبل مصر ، واذا كانت الثقافة المجتمعية ذاتها بحاجة الى تغييرات جذرية حتى يتغير منظورها السلبى للمرأة فإن التعليم والاعلام والفن وفى مقدمته الدراما الجماهيرية منوط بها القيام بهذا الدور .

خامساً :إ دخال الأنشطة الفنية فى مناهج التعليم واعتبارها من معايير الجودة التى تسهم فى الرقى بالذوق العام والسمو بالقيم المجتمعية .

سادساً : لأن أعضاء اللجنة من الخبراء والنقاد يؤمنون بقداسة حرية التعبير التى يصونها الدستور المصرى ويعتبرون الرقابة فى عصر السماوات المفتوحة عبثاً فإنهم يعولون على الشعور بالمسئولية لدى صناع الدراما لتحقيق التوازن بين ضرورات تمثيل الواقع جمالياً ووجوب السعى لنبذ العنف واستخدام الجنس والاتجار بأجساد النساء فى التزام طوعى يترجم المسئولية الاجتماعية المقترنه بالحفاظ على الحرية .

سابعاً : تهيب اللجنة بكتاب الدراما وصناعها مراعاة الدقة وحسن الاختيار في المستويات اللغوية لشخصيات الدراما بحيث تنجح في تمثيل أصواتهم الحقيقية دون إسفاف أو سوقية جارحة لشعور المشاهدين بشكل مبتذل فاضح، ويرون ضرورة أن تتضمن المواثيق الإعلامية شروطاً تكفل مراعاة ذلك عند الأداء التنفيذي.

ثامناً : كما ترى اللجنة حرصاً على مصداقية الاعمال الدرامية ذات الخلفية التاريخية أو التى تتناول شخصيات وطنية كبرى ضرورة أن تستعين هذه الأعمال بكبار الخبراء في التاريخ والتوثيق المدركين لطبيعة الأعمال الدرامية واعتمادها على المتخيل بقدر ارتكازها على الحقائق وحريتها في تأويلها طبقاً للرؤية التى يتبناها العمل بما يضمن إقناع المشاهدين ويصون حرية التاريخ.

تاسعاً :تعتزم اللجنة دعوة لفيف من صناع الدراما لندوات حوارية لمناقشة هذه القضايا وطرح الإشكاليات الناجحة وتفهم وجهات النظر التى يتبناها المبدعون ويعتز بمراعاتها النقاد لأداء فن الدراما ووظائفه والتزامه بالمسئولية الاجتماعية المترتبة على حرية التعبير.

عاشراً : سوف تصدر اللجنة في الأيام القادمة تقريراً مفصلاً عن جملة الأعمال الدرامية التى قدمت في هذا الموسم يتضمن تقييماً فنياً لمستوياتها المختلفة مع الإشارة لأفضلها والتنويه به، ورصد نقاط الضعف التى تكررت فيها وأصبحت ظواهر تسئ الى صورة المرأة وشكل المجتمع وتهبط بالمستوى الفنى والجمالى لها ، مع الحرص دائما على تأكيد مبادئ حرية التعبير المقترنة بالمسئولية الطوعية والساعية لازدهار الفن بإعتبار من أبرز مظاهر ازدهار الوطن.